انتشر في مجتمعنا ظاهرة العزوف عن الزواج بشكل كبير، فعلى سبيل المثال بلغ متوسط سن الزواج في الأردن ولبنان والجزائر ومصر 30 عاماً للشاب و27 عاماً للفتاة، والأرقام في تزايد، ولكن يبقى سؤال ما أسباب العزوف عن الزواج يشغل الكثيرين، لذلك سنوضح في هذا المقال أسباب العزوف عن الزواج عند الشباب والفتيات.
أسباب العزوف عن الزواج
هناك الكثير من الأسباب التي تؤدي إلى عزوف الشباب عن الزوج في مجتمعاتنا العربية. وهذه الأسباب تشمل الجانب الشخصي والجانب الأسري والجانب المجتمعي والوضع الاقتصادي. ومن أهم أسباب العزوف عن الزواج عند الشباب ما يلي:
الوضع الاقتصادي المنخفض
يعتبر تدني الوضع الاقتصادي في الكثير من الأسر العربية سبباً رئيسياً لعزوف الشباب عن الزواج، حيث أن الزواج يتطلب الكثير من التجهيزات ودفع مبالغ كبيرة من المال والتي قد لا تتوفر عند كثير من الشباب مما يجعل الزواج بالنسبة له أمراً مستبعداً ويحتاج وقتاً طويلاً.
ولا ننسى أن هناك بعض العادات في بعض الدول العربية مثل جمهورية مصر العربية تضع حملاً كبيراً على أب العروس التي تريد الزواج، لأنه يجب عليه أن يؤثث البيت ولا يقع ذلك على عاتق الشاب.
صعوبة الزواج على عكس العلاقات المحرمة
إن الزواج يتطلب بذل الكثير من المجهود وإنفاق الكثير من الأموال على عكس إقامة علاقة غير شرعية مع فتاة لا تطلب منه أن ينفق عليها أو يتحمل مسؤوليتها ورعايتها، وهو ما دفع الشباب والفتيات إلى إقامة علاقات غير شرعية وتفضيلها على الزواج.
يجب على المجتمع أن يخفض المتطلبات على العريس لأنها متطلبات مبالغ بها تجعل الشاب يعيش طوال حياته لتأمينها. كما يجب على المجتمع أن يصون أبناءه عن الرذيلة وأن يمنع إقامة علاقات محرمة وأن يشجع الشباب على الزواج لحل تلك المشكلة.
ارتفاع نسب الطلاق
عندما يرى الشاب أو الفتاة نسب الطلاق الهائلة في مجتمعاتنا العربية. فإن ذلك يجعله يفكر في ترك الزواج نهائياً أو تأجيله لفترة طويلة لأنه يعتقد أن زواجه سينتهي بالطلاق حتماً أو يعيش حياة زوجية تعيسة. وبالتالي لن ينفق أمواله على أمر لن يجلب له السعادة عوضاً عن أنه قد يجلب له التعاسة.
يجب أن يتم محاربة الطلاق من خلال اختيار شريك الحياة المناسب الذي تتوافق معه أهدافك وتوقعاتك وتتشارك معه في نظرتك للحياة، وكن أنت مثالاً جيداً يحتذى به في تكوين عائلة سعيدة بدل أن تنظر إلى النماذج السيئة.(1)
تجارب سيئة سابقة
تؤثر تجارب الزواج السابقة السيئة على نفسية الشاب والفتاة، مما يدفعهم إلى ترك الزواج مرة أخرى اعتقاداً منهم أن زواجهم الثاني سينتهي مثل الزواج الأول، وهذا غير صحيح تماماً إلا إذا أخطأت في الاختيار مرة أخرى ولم تراعي أسس اختيار شريك حياتك بطريقة صحيحة.
يجب أن تعلم أن البشر يختلفون عن بعضهم البعض بشكل كبير فليس هناك أدنى صلة بين انتهاء زواجك الأولى وعيش حياة زوجية تعيسة في زواجك الثاني، ولكن يجب عليك أن تختار شريك حياتك بحكمة.
اقرأ أيضاً: صفات المرأة الصالحة للزواج.
الإعلام السيء
يلعب الإعلام السيء دوراً هائلاً في تنفير الشباب عن الزواج من خلال تصويره لهم على أنه قيد وأنك ستعيش تعيس للأبد وأنك لن تتمتع بشبابك. وأن حياتك ستصبح مجرد مسؤوليات. ولكن هذا خاطئ تماماً فالزواج سنة من سنن الحياة وحاجة فطرية يجب أن يحصل عليها كل فرد في كل مجتمع سوي.
ويقوم الإعلام السيء أيضاً بتصوير العلاقات المحرمة على أنها علاقات سعيدة يسودها الحب والاحترام والمودة بين الشاب والفتاة. ولكن للأسف هذا أمر خاطئ أيضاً حيث أن أغلب العلاقات المحرمة تنتهي في الأشهر الست الأولى. ولو كانت علاقة ناجحة لاستمرت فترة أطول،
يجب أن تعلم أيضاً أن إقامة علاقات محرمة يجعل الشباب ينفرون من الزواج بسبب الأذى النفسي الذي تعرضوا له. ولأنهم يرون أن زواجهم سينتهي بسرعة كما أنتهم علاقاتهم المحرمة.
عدم اعتبار الزواج أولوية
يرى الكثير من الشباب والفتيات أن الزواج ليس أولوية بالنسبة لهم. حيث تفضل أغلب الفتيات العمل على الزواج ورعاية الأبناء بسبب الصورة النمطية السيئة التي يصدرها الإعلام للفتيات أن المرأة غير العاملة امرأة سيئة ولا تستحق التقدير. مع أن عمل المرأة يخالف طبيعتها الأنثوية ويجعلها شخصاً آخر منهمك دائماً في الأعمال التي لم تخلق لأجلها.
كما أن الشباب يفضلون قضاء الوقت مع الأصدقاء وإقامة علاقات غير شرعية على الزواج وتكوين أسرة. لأنهم يرون الزواج مجرد مؤسسة أبوية تحمل في جعبتها الكثير من المسؤوليات والالتزامات الغير مرغوب فيها.
سهولة تلبية الحاجات العاطفية
إذا استطاع الشاب أو الفتاة تلبية حاجاته العاطفية من خلال إقامة علاقات محرمة فلماذا قد يرغب بالزواج أو يفكر فيه أصلاً. وهذه الظاهرة انتشرت بشكل كبير بعد أن أصبح المجتمع متساهلاً بشكل مبالغ فيه مع الأشخاص الذين يقيمون علاقات غير شرعية.
كما أن وسائل الإعلام السيئة وانتشار الإنترنت لهما دور كبير في تسهيل ظاهرة العلاقات المحرمة.(2)
اقرئي أيضاً: صفات الرجل المثالي للزواج.
لماذا يجب مواجهة ظاهرة العزوف عن الزواج؟
بعد أن تحدثنا عن أسباب العزوف عن الزواج. لابد لنا من أن نوضح خطورة هذه الظاهرة ولماذا يجب مواجهتها بقوة والتخلص منها في أسرع وقت:
العزوف عن الزواج يؤدي إلى الكثير من الأمراض
يجب مواجهة ظاهرة العزوف عن الزواج لأن ترك الزواج أو تأخيره لفترة طويلة يجعل الشخص معرض للكثير من الأمراض النفسية. بما في ذلك الاكتئاب والإقدام على الانتحار. وللأسف الشديد فإن معدلات الانتحار في تزايد ضخم في مجتمعاتنا العربية.
الشعور بالسعادة
تشير الدراسات إلى أن الأشخاص المتزوجون يمتلكون معدلات سعادة ورضى عن الحياة أعلى بكثير من الأشخاص الغير متزوجون. لأن الشعور بالوحدة والضياع يعتبر أمراً ملازماً للابتعاد عن الزواج.
انحراف الشباب
يعتبر العزوف عن الزواج سبباً رئيسياً في ضياع الشباب وانحرافهم. حيث إن إقامة العلاقات المحرمة تضعف الوازع الديني والأخلاقي لديهم. على عكس الأشخاص المتزوجون الذين يتمتعون بالاستقرار النفسي والعاطفي والاجتماعي.
المحافظة على الجيل القادم
لعل أهم سبب يدفعنا لمواجهة ظاهرة العزوف عن الزواج هو الحفاظ على الجيل القادم من الانحراف والضياع الأخلاقي. حيث إن إنجاب طفل دون زواج بين الأم والأب يجعل الطفل أكثر عرضة لأن يعيش حياة غير مستقرة. لأن الأم والأب يسعيان للتخلص من الطفل خوفاً من العار أو لأنهم لا يريدون تحمل المسؤولية.
وأيضاً يؤدي العزوف عن الزواج إلى انخفاض أعداد المواليد بشكل كبير مما سيؤدي حتماً إلى انخفاض عدد الأشخاص في المجتمع في الجيل القادم، وهذا يؤثر سلباً على اقتصاد وأمن المجتمع والفرد، وهذا تماماً ما حدث في قارة أوروبا وأمريكا في القرن الأخير.(3)
ويجب أن تعلم في النهاية أن الزواج أمر جميل وشرع رباني عظيم حيث قال الله عز وجل “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” [ سورة الروم، الآية 21]، ويجب أن تعلم أن النماذج السيئة التي نراها في المجتمع إنما هي نتيجة الابتعاد عن شرع الله في الزواج واختيار شريك حياة سيء.
المراجع:
